تبدو مهنة السجون ليست باليسيرة، نظرا للمسؤولية الإنسانية الملقاة على عاتق موظفي السجون بما عليهم من واجبات إدارية وعملية، يمكن وصفها بالثوابت الأساسية التربوية والانسانية والأخلاقية في مهنة السجون، فبدونها لا يستقيم عمل ولا تكون المردودية الإيجابية في مسعى الإصلاح الذي يهدف إلى التقويم والتأهيل والحفاظ على كرامة الانسان.
حقيقة تعتبر مهنة موظف السجن واحدة من المهن التي تتوفر فيها مصادر عديدة ضاغطة، ومع ذلك فإن النجاح في أداء هذه المهمة على الوجه المطلوب، يتطلب سيرا أخلاقيا وممارسة للسلطة بروية بدون مبالغة ولا مغالاة في استعمالها، فالعملية التربوية بالسجن يجب أن تكون سليمة من التوتر، وعلاقة العاملين به بالنزلاء يجب أن تكون علاقة تفاعل يسودها نوع من التوافق الاجتماعي والتواصل والحوار، وعلاقة رأفة ومودة ورعاية بكل ما تعني هذه الكلمات من معاني الرقي والسمو، وبذلك تتحقق الأهداف القصوى في الإيمان بالرسالة المهنية.
إن دور موظف السجون لا ينحصر في حراسة النزلاء، بل يساهم أيضا بكيفية وافرة في إعادة إدماجهم مع احتفاظه بحزمه الشديد في تقويمهم وتهذيبهم، وهذا المجهود المبذول في التقويم، يفرض العمل بكل إنسانية في حراسة وخدمة النزلاء دون تمييز بينهم، والسهر على تأهيلهم وانسجامهم انسجاما مبنيا على أسس التفاهم والحوار والاحترام المتبادل، فيكون مردود التربية أكثر نفعا، وبالتالي تتحقق الأهداف من السجون وهي إعادة تقويم النزيل وتكيفه مع مجتمعه، وذلك اعتمادا على البصيرة التربوية الملائمة.
من هذه الأرضية الأساسية التي على عاتق العاملين بالمؤسسات السجنية وواجبهم التربوي والأخلاقي إزاء النزلاء تظهر كفاءتهم في صيرورة الحياة المهنية كجنود الواجب الوطني، بحيث يصبح العامل بالوسط السجني واعيا كل الوعي بأن دوره الحقيقي هو المساهمة الفعلية في تحقيق أهداف ورغبات المجتمع الوقائية عن طريق التأهيل والاصلاح ومساعدة النزلاء في التغلب على مشاكلهم والدفع بهم نحو البحث عن الطرق المناسبة للاندماج في المجتمع بشكل أفضل، وذلك من خلال اعتماد وسائل علمية تساهم في تطوير الأداء المهني بكيفية جيدة في كل الظروف والأحوال دون اللجوء إلى الممارسات غير المقبولة أو اللاإنسانية والتي تعبر عن ضعف الكفاءة المهنية في مواجهة المواقف الصعبة.