بمناسبة ذكرى عيد الجلاء 18 يونيو 56
..
من الأفلام اللي يجب ان تدرس اعلاميا في كيفية صناعة عمل توجيهي ذو رسالة جادة وفي نفس الوقت بشكل كوميدي ظريف يحبة الصغير قبل الكبير .. فيلم عنتر ولبلب
.. الفيلم ده اتعرض اول مرة في ابريل 1952 في قمة الزخم السياسي في مصر بعد الغاء معاهدة 1936 في اواخر سنة 1951 وبداية حركة الكفاح المسلح في القناة ضد الاحتلال الانجليزي واللي وصلت ذروتها المأساوية بمذبحة الاسماعيلية في 25 يناير 1952 لما تصدى رجال الشرطة للانجليز ورفضوا اخلاء القسم فقام الانجليز بمحاصرتهم وضرب القسم ومبنى المحافظة بالاسلحة الثقيلة .. وفي اليوم التالي حصلت مأساة حريق القاهرة ...
في ظل الأجواء دي كتب الكاتب الكبير بديع خيري قصة وسيناريو فيلم شمشون ولبلب ( عنتر ولبلب ) واللي بيدور حول لبلب ابن البلد خفيف الظل الشغيل .. واللي بيرمز للشعب المصري واللي بيحب ( لوزه ) اللي بترمز لمصر .. وفاجأة يطب على الحارة العملاق القوي صاحب المال والقوة شمشون او عنتر وده اللي بيقوم بدوره سراج منير واللي بيرمز لبريطانيا .. وكان في الوسط بينهم ابو لوزه الفنان عبد الوارث عسر اللي بيمثل النظام الحاكم وقتها ( الملك ) اللي كان بيقوم بدور المحلل للاحتلال ..
وكلنا حافظين الفيلم وعارفين الباقي وقصة الاقلام السبعة ولكن ربما بعضنا فات عنه الاشارات الرمزية الصريحة في الفيلم من اول اسماء المحلات ( عصير قصب الجلاء – جزارة القنال – عجلاتى الوحدة – بقالة السلام – مطعم الحرية )
مرورا ببعض الجمل في الحوار لما قال عنتر للخادم بتاعه (فتحنا كنـز .. غزينا الحارة)
والفيلم مفوتش الاشارة للحرب الاقتصادية في شكل سلوك عنتر الاحتكاري وتنزيل الاسعار لدفع لبلب الممثل للمصريين الى الافلاس ..
وفي الفيلم اشارة لطيفة قالها محمود شكوكو لعبد الفتاح القصري وهم متكتفين ومتغمين في العربية النقل لما بيسأله احنا فين فلما حصل مطب كبير رد شكوكو ( احنا في شارع فؤاد بعد ما صلحوه ) في انتقاد لشغل البلدية وحالة الشوارع في الوقت ده على خلاف اللي بيروج له البعض حاليا
..
اما ذروة الرسائل الرمزية في الفيم فكان مشهد تفاوض شكوكو مع عبد الوارث عسر ممثلا لعنتر .. وكلمات ( المعاهده .. القنال .. الارصدة .. لا تفاوض قبل الجلاء الناجز بدون قيد او شرط .. الجلاء او القلم السبعاء ) والجزء ده بالتحديد كان بيؤديه شكوكو كما لو كان زعيم سياسي بيخطب وكان بينظر للكاميرا كانه بيوجه رسالة للمشاهدين في السينما مش ضمن احداث الفيلم ... والجمال والعبقرية ان كل ده تم في اطار خفيف وكوميدي لا تمل من مشاهدته
..
ملحوظة البعض اختزل الفيلم في قضية الاسم .. وتغيرة من شمشون الى عنتر وده بالفعل كانت قضية اثيرت وادت لمنع الفيلم بعد عرضه بايام بسبب نفوذ الجالية اليهودية في مصر قبل ثورة يوليو واللي اعتبروا اطلاق اسم شمشون على شرير الفيلم اساءة لمعتقادتهم اللي يعتبر شمشون فيها اقرب للانبياء ..ورغم اعادة دبلجة بعض المشاهد واستبدال اسم شمشون بعنتر الى ان الفيلم فضل ممنوع من العرض في اشارة الى ان الموضوع كان اكبر من اسم شمشون الى ان تم عرضه مرة تانيه بعد قيام ثورة يوليو 1952
