المقدمة
أدركتِ الكنيسةُ من أين تُؤكَلُ الكَتِفُ الوِزارية فرَفعتْ صَلواتِها إلى القُوى السياسية بضرورةِ " قطع الزفر" وضَبطِ شهيَّتِهم عن مصالحِهم التوزيرية لكنَّ عِظةَ البطريرك الراعي التي تَستبِقُ اثنينَ رمادِ الاستشارات لا تَوافِقُ النَفْسَ السياسية الأمّارةَ بالسُوء، والمفتوحةَ على التهامِ الحقائبِ بما فيها وغداً يبدأُ رئيسُ حكومةِ تصريفِ الأعمال سعد الحريري الفحصَ العَينيَّ لمطالبِ القُوى من كُتلٍ وأحزابٍ ومستقلين، في استشاراتٍ لا تُلزِمُه نتائجُها بشيء، وهي مجردُ استطلاعٍ سياسيّ للرَغباتِ الجامحة وعملاً بمبدأِ العرضِ والطلب، فإنّ الحريري لن يكونَ في وضعٍ يُحسَدُ عليه لما ستُسبِّبُه الطلباتُ من ارتفاعٍ في ضغطِ الدَمِ السياسي فالكلُ يُريد، والكُلُّ يَتضخّم ويوسِّعُ من نفوذِه عبْرَ مواقعِ التواصل الاجتماعي لكأنّ الحريري بات مُكلفاً أيضاً احتسابَ تويتر مَرجِعيةً للتوزير بما يَحمِلُه من عَدٍّ واقتراحاتٍ وتحصيلٍ ومُسوَّداتٍ تَرتفِعُ فوقَها التشكيلةُ الجديدة "والحاصلو" فإنّ رئيسَ حكومةِ تصريفِ الأعمال سوف يَسيرُ بقواعدِ اللُعبةِ السياسية المعمولِ بها تاريخياً للتوزيع ولا يُكلِّفُ الوزارةَ إلا وِسْعَها غيرَ أنّ القُدرةَ شيء، ومَنْحُ المشبوهينَ مكافآتٍ وزارية شيءٌ آخر فمعَ بَدْءِ مراحلِ التشاور عادَ إسمُ الوزير جمال الجراح إلى الواجهة، وهو الذي خَرجَ منَ البابِ النيابيّ ليَدخُلَ من الطاقة الوزارية على الرَغمِ من إخفاقاتِه في امتحاِن الثقة نيابياً ووزارياً والجراح يُطرحُ اليومَ للداخلية بعدما جَرّبَ مواهبَه في وزارةِ الاتصالات فأَطاح مواردَها ورَفَضَ الامتثالَ للقضاء أما سياسياً فلم يَكُنْ دورُه أقلَّ خطراً، لاسيما بعدما أَقرَّ خلالَ احتجازِ الحريري في السُعودية أنّه على استعدادٍ لمبايعةِ السيد بهاء الحريري وهو كانَ أولَ مَن رَوّجَ لنظريةِ تهديدٍ يتعرّضُ له الحريري في لبنان وأَدلى بتصريحِه الشهير لمحطةِ "العربية" معزَّزاً بأليافه غيرِ البصرية إنما بشكوكٍ استوحاها من لحظةٍ " خاطفة" . وربطاً بيومِ الاستقالة المُنقطعِ النظير، جاء أولُ اعترافٍ دَوليّ بأنّ الحريري كان موقوفاً في السعودية إذا أَعلن الرئيسُ الفرنسي إيمانويل ماكرون أحدُ مُهندسي التحرير أنّه لو لم تَكُنْ كلمةُ فرنسا مَسموعةً لاندلعتِ الحربُ ربما في لبنان وقال: إنّ تَدخُّلَنا الذي جَعَلَنا نتوقّفُ في الرياض لإقناعِ وليِّ العهد, ومِن بعدَها دَعَونا الرئيس الحريري وهذا ما جَعَلَ لبنان يَخرُجُ من أزمةٍ خَطِرة وأُذكِّرُ بأنّ رئيسَ الحكومة كان موقوفاً في السعودية. الحريري موقوفاً قبل أشهر والفاعلُ مُتوارٍ اليوم ولصدمةٍ ربما إيجابية فبعدَ غيابٍ دامَ واحداً وأربعين يوماً، أكدت مُعطياتٌ للجديد مُحيطةٌ بدوائرِ الديوانِ المَلَكي، أنّ وليَّ العهدِ السُعودي الأمير محمد بن سلمان بصحةٍ جيدة ويُجري لقاءاتٍ معَ قياداتٍ مختلفة بعيداً عن الأضواء وقالت إنّ المعنيينَ في المملكة يَشعُرون بالغِبطةِ لدى سماعِهم شائعاتٍ لا تَمُتُّ إلى الواقعِ بأيِ صِلة ولا تنفي هذه المعطيات أنّ أجهزةَ استخباراتٍ عدة، غربيةً منها وعربيةً وإسرائيليةً وأميركية، قد فَقدتِ الاتصالَ لتَتبُّعِ خريطةِ طريقِ وليِّ العهدِ السُعودي لكنّ المعلومات تتوقَّعُ ?