لمقدمة
اعتَلت صواريخُ دونالد ترامب مِنصةَ التويتر واستعدّت للانطلاقِ إلى سوريا في أجواءٍ مفتوحةٍ وبتحكّمٍ مروريٍّ جويّ سهّلَ عليها دخولَ المجال والتغريدةُ الحاملةُ للطائرات عبَرت أولاً الأجواءَ الإقليميةَ الروسية وتوجّهت إليها بالقول: استعدّي يا روسيا، لأنَّ الصواريخَ قادمة، وستكونُ جميلةً وجديدةً وذكية لكنّ موسكو ردّت بأنّ الصواريخَ الذكيةَ يجبُ أن توجّهَ إلى الإرهابيينَ لا الى الحكوماتِ الشرعيةعلى أنّ هديرَ الطائراتِ الحربية فوقَ سوريا لا يزالُ يخضعُ للعنايةِ المركّزةِ داخلَ البنتاغون ولفتَت في هذا الاطارِ إشارةُ وزيرِ الدفاعِ الأمريكيّ جيم ماتيس الى أنّ الجيشَ مستعدٌّ لتقديمِ خِياراتٍ بشأنِ ضرَباتٍ جويةٍ على سوريا إذا كان ذلك مناسبًا وَوَفقَ ما يقرّرُه الرئيس والإشارةُ الأبعدُ تشكيكاً كانت عَبرَ إعلانِ ماتيس أنّ أميركا ما زالت تقيّمُ المعلوماتِ بخصوصِ الهجومِ الكيميائيّ في دوما وفي سياقِ عرضِها للخبر استخدمت وَكالةُ رويترز عبارةَ الهجومِ الكيميائيِّ المزعومِ ولحظَت أنّ ماتيس أبدى نهجًا حذِرًا بعدَ ساعاتٍ مِن تهديدِ ترامب بشنِّ ضرَباتٍ صاروخية وتكرّرت عبارةُ اليكميائيِّ المزعوم في بيانِ منظمةِ حظرِ الأسلحةِ الكيميائيةِ التي تَعقِدُ اجتماعاً طارئاً اليومَ ما يَعني أنّ أيا ًمِنَ الأطرافِ المعنيةِ لم يجزمْ لتاريخِه بمسؤولية النظامِ عن ارتكابِ هذه الجريمة لكنّ الولاياتِ المتحدة غالبًا ما تتخطّى الأحكام لا بل تُصدرُها وتبني خِياراتِها على أساسِها وعَبرَ التاريخ هذا ما فعلتْه في العراق وأفغانسان ولبنان
الزمنُ تغيّر والعاداتُ الأميركيةُ الإسرائيليةُ لم تتغيّر اليومَ رَوجّت كذبةَ دوما وصدّقتْها وبنَتِ الحربَ على فرضيتِها وهي انتَهَجت الطريقةَ عينَها عندما غزَتِ العراقَ ودّمرتْه عامَ الفينِ وثلاثةٍ بذريعةِ أنّ بغداد تهدّدُ العالَمَ بأسلحةِ دمارٍ شامل ثَبَتَ أنّها لا تملِكُ منها شيئًا، وأنّ صدام حسين متواطىءٌ معَ أسامة بن لادن وقاعدتِه، عِلمًا أنْ لاشيءَ كان يجمعُ بينَ الرجلين. وبذرائعَ مِن هذا النوع برّرت غزوَها لأفغانستان عامَ ألفينِ وواحد لتدميرِ القاعدةِ وبن لادن الذي لم يتمكّنْ منه الاميركيونَ سوى بعدَ عشْرِ سنين في باكستان. وهكذا فَعلت إسرائيلُ عامَ اثنينِ وثمانين عندما برّرت اجتياحَها لبنانَ بإطلاقِ النارِ على سفيرِها في لندن شلومو ارغوف في عمليةٍ مُلتبسة أما الحادثُ الأقربُ زمنًا فقد تولّته بريطانيا الدولةُ المسيّرةُ سياسيًا على هوى أميركا حيث قلّدتها في مِلفِّ تسميمِ الجاسوسِ السابقِ سيرغي سكريبال وابنتِه في مدينةِ ساليزبري البريطانية وسارَعَت قبلَ انتهاءِ التحقيق الى اتهامِ روسيا مِن دونِ تقديمِ الدليل. غيرَ أنّ في بريطانيا حزبًا معارضاً يقفُ للحكومةِ بالمِرصاد إذ
طالبَ جيريمي كوربين زعيمُ حزبِ العمالِ بأن تكونَ للبرلمانِ كلمةٌ بشأنِ أيِّ عملٍ عسكريٍّ ترغَبُ رئيسةُ مجلسِ الوزراءِ تيريزا ماي في اتخاذِه ردًا على ما يعتقدُ أنه هجومٌ كيميائيٌّ في سوريا ورأى أنه لا يمكنُ أن تجازفَ بريطانيا بتصعيدِ الوضعِ أكثرَ مما وصلَ إليه أمامَ هذهِ الصورةِ لا يمكنُ توقّعُ ما سيقدِمُ عليه دونالد ترامب الذي سبق أن هدّد كوريا الشَّماليةَ ثُم غازلَها فاضطرابُه مِن الرأسِ إلى