المقدمة
بينما كانت " أم كامل" تُحلّقُ في استطلاعٍ انتخابيّ على " أمّ المعارك " وقبل أن تَبلُغَ هدفَها في بَعْلَبك الهرمل سقَطَت بضربةٍ مِن غيرِ رامٍ وهوَت بينَ بلدتَي برعشيت وبيت ياحون عند خلة مريم .
هو نزولٌ إلهيّ فوقَ أرضِ الجَنوب التي تَعرفُ طائرةَ التجسّسِ تلك وتَحفظُها عن ظهرِ حرب وسقوطُها عند الفجر لم يكُن سِوى مجردِ خبَرٍ عاديّ لقِطعة حديد احتَرقت بعدما طوّرت نفسَها وحملت اسم " هيرميس"450" . احتَرقت أمُّ التجسس وتابعَت أمُّ المعارك سيرَها في المدُنِ بسلاحٍ ذاتيٍّ متطور: دُفعةٌ منه لدى الرئيس سعد الحريري في البقاعِ الغربيّ ودفعةٌ مخزّنةٌ لدى أشرف ريفي في عكار لكنّ السلاحَ المشتركَ الذي صَدِئَ بينَ الطرفَين هو ترويعُ الناخبينَ بورقةِ الوصايةِ السورية وتربعها على لوائحِ الخصوم .
ولمّا كان هذا السلاحُ غيرَ مجدٍ فقد آثرَ الرئيس سعد الحريري استخدامَ الاحتياطِ والتنكّرَ بدورِ المعارِضِ الساعي لتحصيلِ حقوقِ الناس فتحدّث من البقاعِ الغربيّ على صوتِ كرومِ الأرض ونداءِ المُزارعين وتلوّثِ مياهِ اللَّيطاني ودعمِ القَمح وذكّرَ الناسَ بأولئك الذين كانوا يفبركونَ المِلفات واليومَ رشّحوا مِن هؤلاءِ ديناصورات وقال : أنا سعد رفيق الحريري لن أسكُت ولن أقبل أن يأكُلَ الفاجرُ مالَ التاجر وتاريخُنا في البلد معروف وهو تاريخُ تعليمٍ وبننىً تحيتةٍ وجسورٍ وخِدْمات
سعد المعارض أرادها معركةً ضِدّ مَن وهو الذي مثّلَ السلطة ؟ وحتى وإن أراد الانقلابَ على سياسةِ السنواتِ السبعِ والعِشرينَ الماضية فإنه بذلك يكونُ قد أصابَ سياسةَ والدِه الذي جاء إلى الحكم عامَ اثنينِ وتسعين واستمرَّ في السلطة حتى عامِ ألفينِ وأربعة باستراحةِ اعتكاف تخلّلتْها حكومةُ الرئيس سليم الحص عامَ ثمانيةٍ وتسعين بمجموعِ سبعةٍ وعِشرينَ عامًا حَكَمَ آل الحريري الأبُ والابنُ ووكلاؤُهما فؤاد السنيورة وتمام سلام ثلاثًا وعِشرينَ سنة
وليس من ضِمنِها حكومةُ الرئيس نجيب ميقاتي الرجلِ الذي صار غريمًا بعدَ الرئاسة .
فعن أيِّ مرحلةٍ يتحدّثُ الحريري وأيَّ جبهةٍ معارضةٍ سيقودُ اليوم وضِدَّ مَن ؟ وربما لو ظلّ على معارضةِ سوريا ودخولِ بشار الاسد لاعبًا على اللوائح لربحَ في معركةِ الكسور لكن بعدَ إعلانِ وليِّ العهدِ السعوديِّ عن بقاءِ الأسد في السلطةِ اختلفَتِ الموازين
ومن الحريري المعارِض الى الحريري المفاوِض الذي تلقّف مِلفَّ الفنانِ المتواري فضل شاكر وطلبَه للضمانة قبل أن يسلِّمَ نفسَه وقال رئيسُ الحكومة للجديد : انا أنصحُ فضل شاكر بتسليمِ نفسِه للقضاء وأضمنُ له محاكمةً عادلة .
وبمسارِ العدل والعودة يتّجهُ الامنُ العامُّ اللبنانيّ الى خُطوة ستشكلُ بوابةَ حلٍ للنازحينَ السورين تقضي بعودةِ ألفِ نازحٍ منهم ونقلِهم مِن شبعا الى المناطق السورية المحررة وذلك بعدما نجح اللواء عباس ابراهيم في عودة احدَ عَشَرَ الفَ نازح من الجرود الى الداخلِ السوري
اما في مسيرةِ العودة الفلسطينية فقد انتهت بدماءِ سبعةَ عَشَرَ شهيداً وأكثرَ من الفٍ وخمسِمئة جريح لكنّهم عبروا بأقدامِهم عن رفضِ صفْقةِ القرن وقالوا للعرب والعالم إنّ قضيتَهم ما تزالُ حية.