نور على الدرب: حكم صلاة الوتر في أول الليل ثم القيام في آخره - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)
السؤال: مع بداية هذه الحلقة نعود إلى رسالة المستمعة (ن. ب) من جدة، أختنا عرضنا جزءاً من أسئلتها في حلقة مضت، وبقي لها في هذه الحلقة عدد من الأسئلة، في أحدها تقول: إنني ولله الحمد أقوم الليل، إلا أنني أوتر بعد أداء سنة العشاء؛ وذلك خوفاً من أن يقبض الله روحي قبل أدائها؛ وخوفاً من أن يغلبني النوم فلا أستطيع أداءها، فبماذا تنصحونني وهل ما أنا عليه صحيح؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقيام الليل من أفضل القربات، ومن صفات عباد الرحمن الأخيار، ومن صفات المتقين، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:15-18]، وقال سبحانه في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64].
فأنت على خير، فنوصيك بالثبات وسؤال الله القبول، وعليك بالاستقامة، ولكن الأفضل لك أن تجعلي الوتر آخر الليل، ما دمت تقومين آخر الليل فاجعلي الوتر آخر الليل، وأحسني الظن بالله، أحسني الظن بالله وأبشري بالخير، ما دمت قد اعتدت هذا الخير وتقومي آخر الليل؛ فاجعلي وترك آخر الليل؛ لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل.
بين ﷺ أن صلاة آخر الليل مشهودة، وأنها أفضل من أول الليل، وأنت بحمد الله تطمعين أن تقومي وقد اعتدت القيام؛ فأخري الوتر في آخر الليل.
وإذا غلبك نوم؛ صليتي من النهار ما يقابل ذلك شفعاً دون وتر، كما كان النبي يفعل ﷺ، كان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وكانت عادته ﷺ غالباً إحدى عشر ركعة، فإذا شغله نوم أو مرض زاد واحدة صلى ثنتي عشرة ركعة، هكذا روت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم .
والمؤمن يجب أن يكون حسن الظن بالله ، فعليك بحسن الظن بالله والاجتهاد في الخير، وأن تكون صلاتك آخر الليل مع الوتر لهذا الحديث الصحيح، ولقوله ﷺ في الحديث الصحيح: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟، وهذا الحديث العظيم متواتر عن النبي ﷺ، وهو يدل على فضل آخر الليل، وأن العبادة فيه لها شأن عظيم، وأن دعاء العبد حري بالاستجابة، وهكذا توبته واستغفاره.
وهذا النزول نزول يليق بجلال الله جل وعلا لا يشابه خلقه في شيء من صفاته ، فهو في نزوله كسائر صفاته كالاستواء والكلام والغضب والرضا وغير ذلك، كلها صفات تليق بالله لا يشابه فيها خلقه ، فكما قال السلف في الاستواء: أنه على الوجه اللائق بالله، فهكذا النزول وهكذا بقية الصفات، يقول جل وعلا: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ...
https://binbaz.org.sa/fatwas/15807/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AA%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D9%84-%D8%AB%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D8%AE%D8%B1%D9%87