المقدمة: الا إن حزب الله هم الغالبون
هو يومُ القُرى وشمسُها التي استمدّت حرارتَها مِن وجوهِ أبطالِها المحرّرين .. مِن ملامحِهم السُّمْر وضفائرِهم الشُّقر .. مِن لونِ جلدِهم الوطنيِّ الذي ما بدّلتْه سنينُ الاعتقال
برعشيت أَزهرت في صيفِ العودة .. الشرقيةُ صارَ يَحُدُّها شرقُ النصر وغربُه مجدل سلم رفعت سنابلَها ترحيبًا .. ياطر بلدةُ الشهداء مُسقِطةُ طائراتِ العدو عاد نَبْضُها وكُتِبَ لها العُمرُ الجديد .." موساها" قامَ مِن جُرحِه خرَجَ من شائعةِ الشهادةِ إلى الحياة وحمَلَ عَصاهُ ليَشُقَّ بها دربَ التحرير .
هذه هي أحوالُ القرى.. التي طَلَعَ فجرُها مِن قاعِها .. مِن بلدةٍ يرتفعُ أذانُها عَبرَ كنائسِها ومِن علوِّها تسمعُ صوتَ المسيحِ الهادرِ بوَحدةِ الطوائف. وإذا كانتِ القاع قدِ ارتفعت إلى قِمةِ الوطنية فإنّ لبرعشيت الجَنوبيةِ أصواتاً مَنحت لبنانَ ترتيلةَ المقاومة واعتَلى راعي ابرشية البلدة وليام نخلة مِنبرَ الاحتفال ليَخطَفَ عبارة " ألا إنَّ حزبَ اللهِ هُمُ الغالبون". والغالبون .. يتحدّثونَ الليلةَ ليُهدِوا نصرَهم إلى الجيش ويُمهّدوا له الطريقَ لتسلّمِ ما تحرّرَ مِن جرد وذلك في إطلالةِ الامينِ العامِّ لحِزبِ الله السيد حسن نصرالله بعدَ قليل. وفضل الله مهّد لنصرالله عندما قالَ مِن ياطر إننا عندما ننتصرُ ننتصرُ بشرف وخاطبَ النائب حسن فضل الله الأمينَ العامَّ للحِزبِ بالقول: نصرُ آبَ تحقّقَ على يدَيك فمباركٌ للبنانَ وجيشِه وشعبِه ومقاومتِه هذا الانتصار .
ووسطَ زَخْمِ الاحتفالِ بالنصر فإنّ تحيةً مُضمرةً لم تَسلُكْ طريقَها بعد .. ووَجَبَ توجيهُها إلى رئيسِ الحكومة سعد الحريري الذي احتفظَ بمَسافةٍ سياسيةٍ عَبّدتِ الطريقَ أمامَ النصر وساهمت في تحريرِ الجرود منَ الإرهاب .. فهو منح ثقتَه للواء عباس ابراهيم .. الذي يُعَدُّ عملياً ابنَ عمِّ المقاومة إن لم يكن ابنَها .. وبالتالي أعطى رئيسُ الحكومةِ الضوءَ الأخضرَ للتخلّصِ مِن سبعةِ آلافِ إرهابيٍّ على الحدود أياً كان المُخلّص.
وبذلك تمايزَ رئيسُ الحكومة عن أهلِ بيتِه المتكاثرينَ والمتهالكين نحوَ تصفيقٍ مِنَ الطائفةِ الكريمةِ لحصدِ جُمهورٍ انتخابيّ.
والاحتفالاتُ بالنصر على الإرهابِ تواكبُها معاركُ بدأت تَدقُّ في جرود الفساد
العاليةِ الرؤوس .. والمحاربُ الأولُ على جبهة المعركة كان رئيسَ الجُمهورية العماد ميشال عون
الذي قرّر دخولَ بيتِ العنكبوت وقال : في كلِّ مرةٍ نفتّشُ عن الحاجبِ المرتشي من دون أن ننظرَ إلى الكبيرِ في أعلى المراكزِ الذي يحصُلُ على الملايين .
حربُ الرئيس على "الكبير" أدرك عون أنّها ستكونُ مُضنيةً ومُتعبةً وستَخلُقُ كثيراً منَ العَداواتِ لأنّ مَن تمرّسَ على عاداتٍ تقبلُ الرّشى بات يَعتبرُها مَكسِباً له . لكنّ رئيسَ الجُمهورية سيكون رابحاً في الحرب على الكبير وسيجدُ من يساندُه في الطريقِ الصعب لأن "اللهُ أكبر" .