نور على الدرب: القول الراجح في حكم تارك الصلاة - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)
السؤال:
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد:
نرجو من سماحتكم أن تقولوا لنا رأيكم في مسألة احترنا فيها بسبب تعدد الآراء وهي: يقول الرسول ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، ويقول عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة، فنرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا معنى كلمة الكفر، ومتى يعد المرء كافرًا، وهل المقصود من الحديث أن تارك الصلاة يعتبر كافرًا إذا تركها تكاسلًا وخمولًا؟ أم إذا تركها جحودًا وإنكارًا؟ أم إذا تركها بأي حال من الأحوال؟ أفتونا في ذلك جزاكم الله خيرًا، أخوكم في الله حازم كمال ، الكويت .
الجواب:
ترك الصلاة من أعظم الجرائم، ومن أعظم الكبائر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام؛ ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين، فإن تركها جاحدًا لوجوبها، أو مستهزئًا بها.. ساخرًا بها، ولو فعلها فهذا يكون كافرًا بإجماع المسلمين، ويكون مرتدًا عن الإسلام إذا تركها جاحدًا لوجوبها أو استهزأ بها وسخر منها، فإن هذا يعتبر كافرًا كفرًا أكبر ومرتدًا عن الإسلام بإجماع المسلمين.
أما إذا تركها تكاسلًا وتساهلًا، وهو يعلم أنها واجبة وليس ساخرًا بها ولا مستهزئًا بها، ولكنه يحترمها ولكنه ربما تركها في بعض الأوقات تساهلًا وتكاسلًا كما يفعل بعض الناس في صلاة الفجر لا يصليها، وربما ترك صلاة العصر أو صلاة العشاء أو نحو ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، فمن أهل العلم من قال: إنه يكون كافرًا كفرًا أكبر، ويحتج بالحديثين الذين ذكرتهما أيها السائل، وهما حديثان صحيحان عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهما قوله ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، خرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناد جيد، وخرجه أيضًا أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه وآخرون بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب الأسلمي ، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر، والحديث الثاني قوله ﷺ: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، خرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قالوا: والكفر إذا عرف فهو الكفر الأكبر، وهكذا الشرك إذا عرف فهو الشرك الأكبر، فمعنى: بين الرجل وبين الوقوع في الكفر الأكبر والشرك الأكبر تركه الصلاة، وهذا يعم من تركها جاحدًا ومن تركها متكاسلًا، وهذا القول هو الصواب وهو الأصح من قولي العلماء، أن من تركها تكاسلًا يكون كافرًا كفرًا أكبر، ويدل على هذا أيضًا الحديث الثالث وهو قوله ﷺ، لما سئل عن الأمراء الذين يخلون بالدين بعده عليه الصلاة والسلام، قال للناس: إنه سيلي عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، قالوا: يا رسول الله! أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم من الله فيه برهان، هكذا جاء في الحديث الصحيح في الصحيحين، وفي رواية قال: ما أقاموا فيكم الصلاة، فدل على أن ترك الصلاة وعدم إقامتها يعتبر من الكفر البواح، الذي يوجب القيام على الوالي إذا ترك ذلك، ويعتبر بذلك...
https://binbaz.org.sa/fatwas/18485/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%AD-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%A9