على طريق العودة إلى الديار في سوريا تحث عائلات الخطى، كل يمني النفس أن يجد بيته قائما بينما دمرت الحرب جل المباني، هنا في الزبداني الضاحية السنية، كما في مضايا، الضاحيتان التوأم، يبدو الحال كما لو أن زلزالا ضرب المنطقة.
البلدتان استعادتهما قوات النظام مدعومة بالحليف الإيراني منذ ما يزيد عن شهر، في أعقاب اتفاق إيراني قطري، يقضي بتسليم الضاحيتين مقابل خروج مقاتلي فصائل مسلحة ومقيمين باتجاه إدلب، وذلك بعد سنتين من الحصار.
مع زوجها فائز وابنتها عرفت أديبة غصن طريق العودة إلى بيتها لأول مرة منذ خمس سنوات. احرق منزل العائلة ولكن بيوت الجيران سويت بالأرض، وبيوت أخرى نهبت. حالة من الذهول انتابت أديبة.
داخل البيت الذي خرب جزء منه ما زالت هناك أغراض تحيي ذاكرة الأمس القريب: علبة مختارة، وصور الابن الأكبر الذ يزوال دراسته في اللاذقية.
للوصول إلى أحد البيوت في الزبداني والتي كانت مقصدا سياحيا، يشق العائد الغبار وركام المباني المدمرة، التي أضحت أثرا بعد عين، فتختلج في النفس بصور الماضي القريب، لعيش آمن مشترك، ومدينة اشتهرت بأشجارها المثمرة، التي يفضلها كل وافد إليها.
حجم الدمار في الضاحيتين هائل بفعل القصف الجوي بالبراميل على رؤوس قاطنيها، وكان حصار مضايا عرض عشرات الأهالي إلى الجوع، حتى الموت. الماضي القريب بالنسبة للأهالي ملئ بالمآسي، ولكن ذلك لا يثنيهم على أن ينشدوا أفقا أفضل من الأمس.