الموت يغيب المغني والشاعر وكاتب الأغاني الكندي ليونارد كوهين عن عمر ناهز الثانية والثمانين عاما. فمن منا لا يتذكر صوت ليونارد كوهين الأجش، ومن منا لا يتذكر حسّ دعابته العالي وكلماته التي تستوطن الوجدان، والتي جعلت أغانيه تتناقل عبر الأجيال.
ولد كوهين لعائلة يهودية في عام أربعة وثلاثين من القرن الماضي، ثم اتبع تعاليم بوذا. كان يلقب بعراب الحزن وقد كان له تأثير كبير عبر أشعاره وأغانيه التي تشوبها نبرة حزن وسوداوية واغتراب عن الذات.
من بين أهم أعمال كوهين نذكر “سوزان” و“طير على الأسلاك” و“أنا رجلك” و“هللويا”. كوهين كان قد اختير ضمن قائمة “مشاهير الروك اند رول” في العام ألفين وثمانية كما حصل على جائزة غرامي للإنجاز مدى الحياة في العام ألفين وعشرة. “شكرا لكم أصدقائي، شكرا جزيلا. أنا غارق في الاستماع إلى جودي كولينز وكادي ديي لانغ في ترديد تلك الأغاني ...“، قال كوهين خلال استلامه لإحدى الجوائز.
كثيرا ما قارن النقاد بين ليونارد كوهين وبوب ديلان نظرا لقوة كلمات الأغاني التي قام بتأليفها. ليونارد كوهين كان الموسيقي الوحيد الذي تمّ تكريمه بجائزة أمير أستورياس في عام ألفين وأحد عشر. كلمات أغانيه تمتاز بشعرية عالية وأغانيه المترجمة عن قصائد كتبت في الأصل بلغات أخرى، والتي ترجمها بنفسه كأغنية “هاك هذا الفالس” المترجمة عن قصيدة للشاعر الاسباني فيديريكو غارثيا لوركا والتي تحمل عنوان “فالس من فيينا”.
ورغم أنّ كوهين وظف مهاراته في ابتداع قواف تليق بأسلوبه الغنائي إلا أنه احتفظ بالصور الشعرية وروح المجازات التي استخدمها لوركا في القصيدة الأصلية. وكان اختياره لهذه القصيدة بالذات ليترجمها ويغنيها منسجما تماما مع كنيته “عراب الحزن“، فهي قصيدة مسكونة بالصور الشعرية الصادمة والفاجعة. الملحن فيليب غلاس قال عنه: “ليونارد كوهين، هو في الوقت ذاته كاتب وملحن وشاعر، إذا فهو يحمل خليطا خاصا ويجعل من أعماله انجازا مريحا لوضعها في قالب موسيقي”.
ليونارد كوهين أصدر ألبومه الغنائي الأخير والذي يحمل عنوان “تريده مظلما” الشهر الماضي، وهو في الثانية والثمانين من عمره، في ختام حياة فنية استمرت حوالى ستين عاما.