في ذات يوم وبعد إلقاء محاضرة عن العائلة السعيدة، تقدَّم إليَّ شاب بعد انصراف الحضور ليكلمني على انفراد. كان هذا الشاب مُقبلاً على الزواج بعد بضعة أسابيع، ويريد أن يكون زوجاً مثالياً. لذلك أراد أن يعرف المزيد عن الزواج السعيد، وعمَّا إذا كان اختياره مبنياً على أسس سليمة أم لا.
لحظات مفرحة تلك التي يرتبط خلالها رجل وامرأة بالزواج لينطلقا معاً عبر موجات المياه الهادرة سعياً للوصول إلى مصب السعادة. ولكن ما الذي ستتمكن من فعله، وأنت في غمرة مجريات الحياة، إذا وجدت أن أخشاب الطوق الذي تعوم عليهِ آخذة بالتفكك؟ هل ستحاول ربط الأجزاء المُفكـَّكة معاً، أم ستبحث عن غصن جانح يقذفه التيار باتجاهك لتتمسَّك به؟ أم أنك ستصرخ وتستغيث في طلب النجدة؟
بالرغم من حلاوة لحظة عقد القران بمن تـُحِب، لا شكَّ أن اختيار شريك الحياة هو مِن أهم وأصعب القرارات التي يمكن أن يتـَّخذها أي إنسان مُقبـِل على الزواج. مِن الضروري أن يحاول المرء اختيار شريك الحياة المثالي، فالزواج مِن شخص غير مناسب قد لا يأتي بنتائج إيجابية. كثير من الأزواج الذين دخلوا إلى عالم الزوجية انتهت علاقتهم إما بالانفصال أو الطلاق. وللقضاء على مثل هذه التجارب المؤلمة، لابدَّ مِن التـَّمهُّل وعدم الاستعجال وأخذ الوقت الكافي للتفكير قبل الإقدام على الزواج. كذلك يجب على المرء اللجوء إلى الاستشارة مِن قِبَل متخصصين أو ذوي الخبرة والمعرفة. معظم الناس في كثير من الأحيان يحصلون على المشورة من رجال الدين أو مِن الأهل (الأسرة)، أو ربما من بعض المواقع المتخصصة على صفحات الإنترنت. إن الاستشارة قبل الزواج يُمكن أن تساعدك في تحديد بعض المشاكل المُحتملة في حياتك المستقبلية وكيفية التعامل معها، كما أنها تساعدك على معرفة ما إذا كان شريك حياتك مناسباً لك أم لا.
يعتبر الكثيرون منا أنَّ الحب قبل الزواج هو كل شي يحتاجون إليه لنجاح حياتهم الزوجية. ولكن في بعض الأحيان لا يكفي الحب لضمان النجاح في إطار الزواج. هناك الكثير من الأشخاص الذين عانوا الكثير مِن المشاكل والتحديات في الزواج على الرغم من حبهم الكبير قبل الزواج. يَجدر بكل مَن يُقبـِل على الزواج أن يتفهَّم ملياً طبيعة وأميال الشخص الذي يُفكـِّر في الارتباط به مدى الحياة، ويتتبَّع عن كثب تطوُّر أخلاقه، كما يليق به أيضاً ألا يُقدِم على هذا الأمر الخطير إلا بالإخلاص والرغبة في إرضاء الله سبحانه.
لا يمكن الحصول على شريك حياة مثالي في كل شيء، فلا وجود لإنسان كامل. قد تتوقـَّع الكثير مِن شريك الحياة وتعتقد أنه سيجعلك تشعر بالسعادة طوال الوقت. ولكن هذا ليس منطقيا أو معقولا، فوجودك مع الشخص المناسب لا يعني أنك قد تحاشيت كل الخلافات. إن الزواج الناجح هو الذي يسوده الانسجام والتوافق والاعتدال في العلاقة الزوجية مِن حيث حُسْن التعامل وإظهار الحب من الطرفين.
عندما تعتقد أنك وجدت الشخص المُناسب وتظن أنك تجد فيه كل ما تحتاجه، قد تطاردك الشكوك في أن هذا الاختيار غير مُوفـَّق، ولا شك أن بعض هذه الشكوك صحيحة وجيدة. النقاط التالية قد تفيد بعض الشيء في اختيار شريك الحياة:
إن الشخص المناسب لك هو الذي يوفـِّر لك الدعم العاطفي والحميمية ويساعدك على النمو عاطفيا وفكرياً.
عندما تكون مع الشخص المناسب ينتابك شعور بالرضا عن نفسك، وبالأمان، والوفاء له.
الشخص المناسب لن يكون سلبياً، أنانياً، صامتاً، أو مُحرجاً.
الجمال أو المال ليسا عاملين لنجاح الحياة الزوجية.
التقارب في السِّن.
التماس المشورة. إن كـُنتّ قد بوركت بوالدين يخافان الله، فاطلب مشورتهما، وأكشف لهما عن آمالك وخططك، وتعلـَّم منهما ما قد علـَّمتهما إياه اختبارات الحياة، فتسلم بذلك من متاعب ومشقات كثيرة.
قبل كل شي يجب أن تطلب مشورة السماء وأن تدرس كلمة الله دراسة مقرونة بالصلاة والتضرع حتى يرشدك الله إلى الاختيار الأفضل لشريك الحياة.
على الشاب والفتاة أن يتحلـَّيا بالطهارة والمروءة والاجتهاد والأمانة والطموح والصبر والود والاحترام والثقة ومحبة الله ومخافته. وعليهما أن يكونا قادرين على تحمُّل قسطهما من أعباء الحياة، وأن يكونا صادقين في مشاعرهما ومهتمين برفع أخلاق شريك الحياة وجعله سعيدا.
على الشاب والفتاة أن يكونا متقاربين في المستوى الاجتماعي والثقافي أيضاً المادي.
لا تتسرع في أخذ القرار فيما يتعلق باختيار شريك الحياة، فهذا الارتباط الهام والطويل الأمد ينبغي عدم اقتحامه بتسرُّع وبدون استعداد.
على كل شاب أو فتاة، قبل إقدامهما على الزواج، أن يفكـِّرا ملياً في اختيار الشريك المناسب. فالزواج قرار يربطك مدى الحياة، وفيه يتـَّحد قلبان وتتآلف نفسان. وإذا كان الزواج سعيداً، حلَّ الملائكة الأطهار ضيوفا على بيت الزوجين، وارتفعت التضرعات والابتهالات نحو السماء حيث يأتي العون