خمسة وعشرون عاماً مرت على سقوط جدار برلين وانهيار الستار الحديدي.
اليوم، جيل جديد بأكمله لا يتذكر كيف كانت الحياة قبل العام 1989.
انه “ جيل الجدار “ كما يطلق عليه البعض.
للتعرف عليه، ذهبنا إلى وارسو، رافال رافقنا في رحلة عبر الزمن. سنتوجه إلى مدينته التي دمرت على أيدي النازيين خلال الحرب العالمية
الثانية وأصبحت خلف الستار الحديدي لغاية العام 1989.
كان في الرابعة من العمر تقريباً حين انهار النظام الشيوعي، لكنه يؤمن بضرورة فهم الماضي من اجل المستقبل.
الهيمنة التي انتهت قبل خمس وعشرين 25 عاما بسقوط جدار برلين وانهيار الستار الحديدي.
في وارسو، آثار الحرب الباردة وتقسيم أوروبا بدأت تتلاشى لتترك المكان لرموز مكانة جديدة لهذا البلد الذي اصبح سادس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وله مكانه جيدة في المسرح السياسي في أوروبا.
انه تطور سريع بالنسبة للذين شاركوا في هذا التغيير، مثلاً، آدم رنغر، عاد إلى بولندا في العام 1989 بعد أن عاش في السويد لأكثر من
عشرين عاما، يقول:
كان اشبح بالحلم . آنذاك لا أحد كان يعتقد أن هذا يمكن أن يحدث . نوع من الانفجار الداخلي أدى إلى إنهيار النظام بأكمله.
الناس لا يتذكرون كيف كان الحال قبل 25 عاما: الحواجز في كل مكان، الناس متسارعون في كل مكان، متوترون ، مشبوهون.
الشباب العاملين هنا، كلهم ولدوا بعد العام 1989، نستطيع أن نقوم بمحاولة لنشرح لهم كيف كان الحال، لكن هل سيفهمون حقا؟ إن لم نعش تلك الفترة، من الصعب حقا أن نفهم “.
من بين هؤلاء الشباب، الطالب الجامعي فيليب ليبكا ، انه أحد أطفال ما بعد الشيوعية. يقدر ما عاش الآباء والأجداد بيد أن العهد السوفيتي يبدو له سريالياً، يقول:“على الرغم من أنني سمعت بالعديد من القصص التي عاشتها عائلتي، من الصعب تصورها .
كما لو أن جيلنا يعيش في عالم مختلف، مثل أليس في بلاد العجائب”.
هل هذه الصعوبة في فهم ما كانت عليه الحياة خلال العهد السوفيتي، خلقت نوعاً جديداً من الجدار الفاصل بين الأجيال؟
توماس سابالا وزوجته مارتا، على عكس الشباب الآخرين، قررا البقاء في البلد والإستفادة من ما يمكن ان تقدمه لهما هذه الحياة الجديدة.
اليوم يديران مشروعاً ناجحاً للخياطة في بولندا، شركةCafardini ، يقول: “أسافر مع والدي في بعض الأحيان ، أفخر بجواز السفر الذي أحمله اليوم، به أستطيع الذهاب إلى أي مكان. عدت من إسبانيا قبل يومين، انها الحرية. هذاهو الشيء الرئيسي. حرية ما أريد أن اقوم به، والذهاب حيث أريد، لا توجد حدود، هذا الشيء الرئيسي لم يكن متوفراً لأهلي. لم يتمكنوا من الذهاب إلى أي مكان. “
جيل يتمتع بحرية أكبر من السابق، بيد ان هذه الحرية غيرت المجتمع.
مارتا ، تقول:“جيلنا يتوقع مساعدة حكومية أقل من الجيل السابق. مثلاً، في السابق، للحصول على شقة، لا يمكن الذهاب مباشرة لشراءها دون الحصول على ترخيص. كذلك بالنسبة للوظائف، معظم الناس من الجيل السابق، حين يحصلون على وظيفة، يفضلون الإحتفاظ بها طوال حياتهم ويتوقعون رعاية الحكومة لهم بعد تقاعدهم مثلا. اليوم، نعرف أن هذا غير ممكن. “
كامل سيبلسكي، رجل أعمال ومؤسس مراكز ASBIRO، كان قبل خمس سنوات على قائمة أغنى سبعة شباب في بولندا ،كون ثروته من خلال
خلق الشركات المبتدئة في قطاع الانترنت. اليوم، انه يدير المراكز الأربعة التي أسسها لتدريب المبتدئين من رجال الأعمال.
بالنسبة له، لا يوجد جدار ثقافي بين الأجيال بل إقتصادي بين السوق الحرة ونظام يفرض العديد من اللوائح الضرائبية، يقول: “نقلت كل ما عندي من الشركات من بولندا إلى المملكة المتحدة، وتايلاند، وزامبيا. الآن ، ليست لدي أية شركة هنا في بولندا لأن السوق منظم جداً.
انهم يذهبون بعيدا جدا بهذه اللوائح. الشباب في بولندا لا يمتلكون فرصة للتنافس مع مشاريع الناس الذين هم في السوق الآن لأن الحواجز والحدود والعقبات كبيرة جدا. “
في داخل هذا المصنع المهجور، المتحف الخاص الوحيد في وارسو المخصص للعهد الشيوعي، فُتحت أبوابه في نيسان / أبريل الماضي.
زئران، أبناء عم، هاجرت عائلتهما الى إنكلترا وكندا . انه جيل آخر من أبناء المهاجرين، يحاول التعرف على الحياة اليومية آنذاك.
كيث كوريك، هاجر والده إلى كندا، يقول:
“ أردت المجيء إلى هذا المتحف لأنني حين آتي إلى بولندا، كل شيء حديث. مثل كندا. حين رأيت المتحف الشيوعي استطعت أن أرى الوضع لو كنت قد
كبرت هنا ، الفرق كان كبيراً في السبعينيات والثمانينيات. الفرق كان كبيراً بين الدول آنذاك. لم أستطع تخيل العيش في ظروف كهذه.”
كيث لم يزر من قبل بولندا خلال العهد الشيوعي، بيد أن كريس نابلد، التي هاجرت والدتها إلى إنكلترا، كانت قد جاءت مرة واحدة، في العام 1970 مع والدتها لزيارة العائلة، تقول:
“ لدي ذكرى واحدة، أعتقد انها ذكرى طابور الإنتظار امام محل الجزار، كانت هناك طوابير طويلة. أتذكر أنني نظرت إلى المحل فرأيت السنانير، السنانير كانت فارغة. المحل كان فارغا. فلماذا كانوا يصطفون ؟ لم يكن هناك أي شيء.”
طوابير طويلة، ومحلات فارغة. والقسوة في تطبيق الأحكام العرفية لنقابة التضامن العمالية في العام 1981 التي يفضل العديد من المواطنيين نسيانها.
بيد أن بالنسبة للبعض هناك نوع من الحنين خاصة التضامن بين الناس. الآن، بعض من جيل الشباب يريدون أن يتعلموا من التجارب السابقة.
رافال باتلا، الذي رافقنا خلال رحلتنا، يقول :
“جيلي هو الجيل الأول منذ مئتي عام لم يحارب من أجل شيء ما. منذ مئتي عام، كل جيل حارب ضد شيء ما: ضد البلاشفة، ضد النازيين، ضد
الشيوعيين، ضد الروس . كان علينا أن نحارب دائماً ضد شيء ما ، من أجل حريتنا . لهذا السبب، الآن، نحن أحرار، لكن منذ خمسة وعشرين 25 عاماً فقط، جيل واحد فقط. الحرية شيء يمكن فقدانه بسرعة كبيرة. لذلك علينا العناية بها، لهذا السبب علينا ان نتعلم من تاريخنا. “
It’s been 25 years since the Berlin Wall came down and